استراتيجيات البنوك المركزية لتعزيز أو تقليل المعروض النقدي

كيف يُمكن للبنوك المركزية زيادة أو خفض المعروضِ النقدي؟

كيف يُمكن للبنوك المركزية زيادة أو خفض المعروضِ النقدي؟

تحكم البنك المركزي بالكمية المعروضة من النقد يشير إلى: السلطة والسيطرة التي يمارسها البنك المركزي على كمية النقد المتداول في الاقتصاد.

إن تحكم البنك المركزي في كمية النقد المعروضة هو أحد الأدوات الرئيسية التي يستخدمها للتأثير على الاقتصاد وضبطه وتحقيق استقراره المالي، وهي أحد أدوات السياسة النقدية القوية والحيوية، حيث لها تأثيرات كبيرة على الأسعار والتضخم ومستوى النشاط الاقتصادي. وذلك يتطلب توازنًا حساسًا ودقيقًا بين تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي وتعزيز النمو الاقتصادي. 

وفي ضوء التحديات الاقتصادية والمالية المتزايدة، يتعين على البنوك المركزية أن تكون قادرة على التكيف وتحسين آلياتها لتتحكم في كمية النقد المعروضة بشكل فعال. يتطلب ذلك دراسة دقيقة للوضع الاقتصادي وتحليل البيانات المالية والتنبؤات الاقتصادية المستقبلية.

 

هناك عدة طرق يمكن أن تستخدمها البنوك المركزية للتحكم في المعروض النقدي منها:

١- سعر الفائدة: يمكن للبنوك المركزية زيادة أو خفض أسعار الفائدة. عند رفع أسعار الفائدة، يصبح الاقتراض أكثر تكلفة، مما يقلل من الطلب على القروض وبالتالي يقلل من المعروض النقدي. وعلى العكس، عند خفض أسعار الفائدة، يصبح الاقتراض أقل تكلفة، مما يزيد من الطلب على القروض ويزيد بذلك المعروض النقدي.

 

تعتمد قرارات البنك المركزي بشأن سعر الفائدة على تحليل البيانات الاقتصادية والمؤشرات الاقتصادية المتاحة، حيث يتم تقييم عدة عوامل قبل اتخاذ قرار بزيادة أو خفض سعر الفائدة، وتشمل هذه العوامل:

  •  التضخم: يتم دراسة معدل التضخم لقياس ارتفاع أسعار السلع والخدمات. إذا كانت هناك مخاوف من تسارع التضخم، فقد يقوم البنك المركزي برفع سعر الفائدة لتقليص الإنفاق وتقليل الاقتراض، وبالتالي تقليل الطلب على السلع والخدمات وضبط التضخم. 
  •  النمو الاقتصادي: يتم مراقبة معدل النمو الاقتصادي والإنتاجية العامة. إذا كان هناك تباطؤ في النمو الاقتصادي، فقد يتخذ البنك المركزي قرارًا بخفض سعر الفائدة لتحفيز الاستثمار ودعم النمو الاقتصادي.
  • البطالة: يتم مراقبة معدلات البطالة لتقييم حالة سوق العمل. إذا كان هناك ارتفاع في معدلات البطالة، فقد يقوم البنك المركزي بخفض سعر الفائدة لتشجيع النشاط الاقتصادي وزيادة فرص التوظيف.
  •  التوقعات الاقتصادية: يتم أيضًا الاخذ بعين الاعتبار التوقعات المستقبلية للاقتصاد عند اتخاذ قرار بشأن سعر الفائدة. يتم تحليل الظروف الاقتصادية الحالية والعوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على الاقتصاد لتقدير الآثار المحتملة لتغيير سعر الفائدة.
  • سياسة الصرف الأجنبي: قد يستخدم البنك المركزي سعر الفائدة للتأثير على قيمة العملة المحلية. عندما يرغب في تعزيز الصادرات وتحسين التوازن التجاري، يمكن للبنك المركزي خفض سعر الفائدة لتحفيز الاستثمار الأجنبي وزيادة الطلب على العملة المحلية. 
 
تعلم التداول + إدارة المخاطر = أرباح مستمرة من هنا
 

٢- شراء السندات: يمكن للبنوك المركزية شراء سندات الحكومة أو الأصول الأخرى من السوق المالية. هذا الإجراء عند إجراء هذا الشراء، يقوم البنك المركزي بتوفير الأموال اللازمة للبنوك والمؤسسات المالية، وبالتالي يزيد الكمية النقدية المتاحة في الاقتصاد.

 تتأثر الكمية النقدية في الاقتصاد بعملية شراء السندات عن طريق زيادة الاحتياطي النقدي لدى البنوك التجارية. وعندما تزداد الاحتياطيات النقدية للبنوك، يصبح لديهم مزيد من القدرة على تقديم القروض والتمويل للأفراد والشركات. هذا يحفز النشاط الاقتصادي ويزيد من العرض النقدي.

 

٣- تحديد معدل الاحتياطي النقدي: يعبر معدل الاحتياطي النقدي عن النسبة المئوية للودائع التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها كاحتياط نقدي في البنك المركزي. 

عندما يحدد البنك المركزي معدل الاحتياطي النقدي، يقرر النسبة المئوية للودائع التي يجب أن تحتجزها البنوك العاملة في البنك المركزي. على سبيل المثال، إذا كان معدل الاحتياطي النقدي هو 10٪، فإن البنوك يجب أن تحتجز 10٪ من إجمالي الودائع لديها كاحتياط نقدي في البنك المركزي.

تحكم البنك المركزي بمعدل الاحتياطي النقدي له تأثير مباشر على قدرة البنوك على إقراض الأموال وتوفير التمويل في الاقتصاد. إذا زاد معدل الاحتياطي النقدي، فإن البنوك ستكون مضطرة للحفاظ على مزيد من الودائع كاحتياط نقدي، وبالتالي ينخفض العرض النقدي المتاح للإقراض والاستثمار. وعلى العكس، إذا انخفض معدل الاحتياطي النقدي، فإن البنوك ستتمتع بمزيد من السيولة وتكون قادرة على زيادة الإقراض وتوفير التمويل.

 

٤- توجيه السياسات الائتمانية: يمكن للبنوك المركزية توجيه البنوك التجارية من خلال تحديد المعايير والقواعد المتعلقة بمنح القروض وتمويل المشاريع. عند تشديد السياسات الائتمانية تضع البنوك المركزية شروطًا أكثر صرامة لمنح القروض، مثل زيادة معدلات الفائدة على القروض، أو تقليل الحدود المسموح بها للقروض، أو زيادة متطلبات رأس المال اللازمة للقروض. هذا يؤدي إلى تقليل الإقراض من قبل البنوك التجارية، مما يقلل من المعروض النقدي.

على الجانب الآخر، عند تيسير السياسات الائتمانية، تقلل البنوك المركزية من الشروط والمتطلبات لمنح القروض، مما يزيد من قدرة البنوك التجارية على إقراض الأموال وزيادة المعروض النقدي.

 

على مر العقود الماضية، شهدنا تطورًا كبيرًا في استراتيجيات التحكم في المعروض النقدي التي يتبعها البنك المركزي. بالإضافة إلى الأدوات التقليدية التي ذكرناها سابقًا، استخدمت البنوك المركزية أدوات جديدة مثل: 

١- التدخل في سوق العملات الأجنبية: يمكن للبنك المركزي شراء أو بيع العملات الأجنبية في السوق المفتوحة بغرض زيادة أو تقليص العرض النقدي. عندما يقوم البنك المركزي بشراء العملات الأجنبية، يتم زيادة العرض النقدي للعملة الوطنية في الاقتصاد، في حين يؤدي بيع العملات الأجنبية إلى تقليص العرض النقدي. ويمكن للبنك المركزي تحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية. عندما يرغب البنك المركزي في تقليص العرض النقدي، قد يقوم بتعزيز قيمة العملة الوطنية عن طريق رفع سعر صرفها. وعلى العكس، عندما يرغب في زيادة العرض النقدي، قد يقوم بتخفيض قيمة العملة الوطنية عن طريق تخفيض سعر صرفها. وكذلك يمكن أن يفرض قيود على تدفقات رأس المال، مثل فرض ضرائب على التحويلات النقدية أو تحديد حجم الاستثمارات الأجنبية. يتم ذلك للحد من التقلبات في سوق العملات الأجنبية والحفاظ على الاستقرار النقدي. 

 

٢- تنفيذ برامج للتيسير الكمي: برنامج التيسير الكمي يتيح للبنك المركزي شراء الأصول المالية طويلة الأجل مثل السندات الحكومية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من البنوك التجارية. هذا الإجراء يؤدي إلى زيادة القدرة الشرائية للبنك المركزي وزيادة المعروض النقدي في الاقتصاد.

تستخدم برامج التيسير الكمي عادةً في فترات الركود الاقتصادي، عندما يكون هناك تراجع في النمو الاقتصادي وانخفاض في معدلات التضخم. بزيادة العرض النقدي، يمكن تعزيز النشاط الاقتصادي وخفض معدلات الفائدة، مما يحفز الاستثمار والإنفاق. 

 

العملة المشفرة

٣- العملة الرقمية المركزية CBDC: 

Central Bank Digital Currency:  يمكن للبنك المركزي إصدار عملة رقمية مبنية على التكنولوجيا المشفرة والتي يتم التحكم فيها بشكل مركزي. يمكن أن تكون الـ CBDC مماثلة للعملات الرقمية المشفرة الأخرى مثل البيتكوين، ولكنها تختلف بأنها تتمتع بتنظيم وتوجيه البنك المركزي. 

ويمكن للبنك المركزي التحكم في إصدارها وسحبها من التداول وتحديد سياساتها النقدية. 

 

حول استراتيجيك لروبوت تداول يعمل 24 ساعة بشكل آلي تواصل معنا 

 

٤- تقنية سلسلة الكتل للتكنولوجيا المالية (Blookchain): يمكن أن تسهم في تحقيق تحكم فعال في العرض النقدي. يمكن للبنك المركزي استخدام السلسلة لتسجيل وتتبع جميع المعاملات المالية وضمان أمانها وشفافيتها، مما يتيح له التحكم الدقيق في العرض النقدي والمعاملات المالية.

 

٥- الذكاء الاصطناعي والتحليلات الضخمة AI and Big data : 

يمكن استخدام التحليلات الضخمة والذكاء الاصطناعي في معالجة وتحليل كميات ضخمة من البيانات المالية. حيث يمكن للبنك المركزي استخدام هذه التقنيات لفهم أنماط الإنفاق والتوقعات الاقتصادية وتحليل الأثر النقدي للسياسات المالية. 

 

استخدام هذه الأدوات والتقنيات الحديثة، يمكن للبنك المركزي أن يحسن فعالية إدارة العرض النقدي وتحقيق أهدافه المالية، بما في ذلك ضبط معدلات الفائدة، ومكافحة التضخم. 

 

تحكم البنك المركزي بالمعروض النقدي يوفر العديد من الفوائد الهامة، ومن بين هذه الفوائد:

١-  مراقبة التضخم: يمكن للبنك المركزي ضبط العرض النقدي للحد من التضخم غير المرغوب فيه. بتنظيم كمية النقود المتداولة، ويمكنه من  السيطرة على زيادة الأسعار وضمان استقرار القوة الشرائية للعملة.

 

٢-  تعزيز الاستقرار المالي: من خلال تحكمه في المعروض النقدي، يمكن للبنك المركزي التأثير على استقرار النظام المالي بشكل عام. يمكنه التدخل في حالات الأزمات المالية وتقديم السيولة اللازمة للبنوك والمؤسسات المالية لتجنب التدهور الاقتصادي.

 

٣-  تنظيم السيولة المصرفية: يمكن للبنك المركزي ضبط السيولة المصرفية من خلال تحكمه في المعروض النقدي. يتمكن من توفير السيولة اللازمة للبنوك لضمان استمرارية عمليات القروض والودائع، وفي الوقت نفسه يمكنه تنظيم زيادة أو تقليل السيولة حسب الاحتياجات والشروط الاقتصادية.

 

٤-  مكافحة الجريمة المالية: من خلال التحكم في المعروض النقدي، يمكن للبنك المركزي أن يسهم في مكافحة غسل الأموال ومكافحة الاحتكار والتهرب الضريبي.

 

٥-  تنظيم النمو الاقتصادي المستدام: يمكن للبنك المركزي أن يستخدم تحكمه في المعروض النقدي لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. يمكنه تعزيز الاستثمارات وتمويل المشاريع الاقتصادية الهامة ودعم الابتكار والتنمية الاقتصادية طويلة الأمد.

 

ولابد أن نذكر أثر تحكم البنك المركزي بكمية العرض النقدي على المستثمرين: 

تحكم البنك المركزي في المعروض النقدي يسهم في خلق بيئة استثمارية مستقرة وموثوقة. وعندما يتمتع المستثمرون بالثقة في النظام المالي والاقتصاد، يصبحون أكثر عرضة للقيام بالاستثمارات ذات المخاطرة العالية والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة. ويمكن للبنك المركزي تعزيز النشاط المصرفي والتمويل والأنشطة المالية الأخرى، مما يتيح للمستثمرين المزيد من الخيارات للاستثمار وتنويع محفظة استثماراتهم.

ويمكن للبنك المركزي أن يستخدم أدواته المالية والسياسات لتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية والأنشطة الاقتصادية الحيوية. يمكنه تشجيع الاستثمار في القطاعات الهامة مثل البنية التحتية، والتكنولوجيا، والتعليم، والصناعات الحديثة، وبذلك يعزز النمو الاقتصادي ويعود بالفائدة على المستثمرين. 

 
مؤشر الهاف ترند لتحديد الاتجاه من هنا

 

 

 بشكل عام، تحكم البنك المركزي في كمية النقد المعروضة يهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي والنقدي، وضبط التضخم، وتوجيه النمو الاقتصادي. يسهم ذلك في خلق بيئة اقتصادية مستدامة ومواتية للأعمال التجارية وتحسين الظروف المعيشية للمجتمع.

وفي النهاية يجب أن يكون للبنك المركزي قدرة تحليلية عميقة ورؤية استراتيجية قوية لاتخاذ قرارات مدروسة ومتوازنة تتيح تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي 

اشترك معنا الآن مجاناً

توصيات مجانية على اهم العملات والسلع والمؤشرات العالمية تحقق نسب نجاح عالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

× محادثة